أملي

‎كيفَ لي بسردِ ذلك المشهد، سريرٌ مُحاطٌ بالأطباء وصغيرتي فوقهُ تحتضر.
‎في الساعة التاسعة صباحًا، رأيتُ وجهها الملائكي مبتسم بينما هي غارقةٌ في نومها المُعتاد، لامست يدايَ وجنتها وطبعتُ قبلةً على تفاحتي خدّيها، مغنّيةً لها أقبل حمامُ الصباح فهيّا يا أقحوانتي الجميلة، كررتُ ذلك لكنها في أحضان الملائكة مُستلقية، داعبتُ أطرافها لعلها تُنيرُ شمسَ الصباح، بدأتُ اعزفُ باسمِها أجمل الألحان، أمل حياتي، يكفيكِ دلعًا، معشوقةُ قلبي أفيقي وأريني تلكَ المجراتِ اللامعة، كانت هي تُحلقُ بعيدًا بينما كُنتُ أشتمُ تفاصيلها الصغيرة، لم تستجب لي، خرجتُ بِها مُسرعةً وصراخي يملأُ الأرجاء، جميعُ من حولي يتسائلون ماحلَ بِها، والبعضُ صامتون، صوتي لم يكفَ عن مُناداتِها، وشتائي لم يكُن لهُ نهاية، وصلتُ بها إلى ذاكَ المسلخِ اللعين، اختطفها الأطباء من بينِ ذراعيّ، لم أسمع بعدها سوى اصواتِ صراخ، احضر هذا وهذا وهذا!
‎حالةٌ من الفزع الشديد تُخيمُ على الأطباء، لم أهدء قط، بل كُنتُ فوقَ رؤوسهم، حاولوا منعي مِرارًا وتكرارًا ولم ينجحوا، صغيرتي لم يعد بها مكانٌ خاليٌ من الأجهزة، ترقدُ على ذاك السريرِ المزعج، ولاتُحركُ ساكنًا، استمر الوضع ساعاتٍ وساعات، لوقت مادقت ساعةُ الصفر.
‎الآن الساعة السادسة مساءًا، نادى الطبيب اين والداي الطفلة أمل، وإذ بنا نركضُ لغرفةِ الطبيب، اجلسا.
‎لقد رأيتم كل شيء عن كَثب لم نهدأ لثواني، لقد استدعينا المستشارين وقمنا بالتشاور والتحاور معًا، لقد كانَ الجميع في الصورة، لكن الصورة لم تكتمل، لم يتبقى شيئٌ بأيدينا، ابنتكم قد فارقت الحياة..
‎أصبح الحديثُ دمعاتٍ، خرجتُ مسرعةً لغرفةِ العناية المشددة، كانت زهرتي العطرية تحتلُ السريرَ الأول منَ الغرفة، اقتربتُ منها، قبلتها من رأسها لأخمصِ قدميها، وأنا أمسحُ بيديّ على خيوط شعرِها الحريري، قائلة: أملي قد استعجلتي الرحيل، كانَ أمامُنا الكثير، حَلُمتُ أن أروي لكِ القصص وأن أزفُكِ بالحرير، لكنَ القدرَ قد شاء وتبدلَ المصير، فهنيئًا عليكِ السلسبيل.


‎#هبة_الزيني


روِّينا حُبًا

 فأسقيّناكموه؛ فاحتويّناكم بلفظٍ واحدٍ على عطفٍ وفعلٍ بفاعلٍ ذو وجدانٍ وامقٍ؛ فرَفعَ مفعولي الحكمَ على فعلي أنَّ فؤادي لا يعلقُ إلا به، والميمُ وضعت لسقوطِها من مرُوّتهِ، والواو زائدة تداري نقيصتُهُ، فما كنت أعاملُ إلا مع أيمنين؛ فرشفتُ من ذاتِ الكأسِ مرتين؛ فما كان مرادي إلا ملء كل الكؤوس بدمهِ؛ كي لا يرتشف أحد ٌمنهُ بعد فمي، سيدي القاضي أهيأتي هيئةُ قاتلٍ؟ أم أني المقتولُ على يديّهِ؟ سيدي القاضي إنه حيٌّ يُرزق يأتني كل يومٍ تذرف مدامعهُ دمًا، يسكنُ في زوايا أضلعي، يأتني محملًا بأثقالِ العالمِ ندمًا، وأقول: كفى تزيفًا. فبليتُ بجعلي حاكم قلبي؛ فترفعُ الجلسة بالحكمِ على الجاني بالإعدامِ، وقفلت القضيةُ عندما قالَ لي ذات ليلةٍ : شكرًا؛ لفعلكِ. فقلت: حبًّا، وكرمًا.

ندى عمر محمود الرحال

ما الأُنثى سِوى أملُ اَلنَّرْجِسِيُّونَ

 العجزُ أَودَى عليهِ،  والانهزامُ سحَقَهُ بلطخَةٍ،  باتَتْ ملامحُ رُجُولَته التي اعتقدَ أنّها سَرمديّةٌ باهِتَة،  الخوفُ اُحْتُضِرَ تِلكَ الشّكيمةُ المُزيّفة،  حتّى ذاكَ الجناحانِ الخارقانِ الخاصّانِ بالرجولةِ باتَتْ هشّةٌ مُخفِقةٍ؛  فها هو الآن مُعرّى مِن جبروتِهِ،  وصلابةِ جسدَه؛  فلقد أُنهِكَتْ تِلكَ البنيةُ اَلْمَتِينَة ممّا ال بهِ من هزيمةٍ وظروفٍ على حينِ غرّةٍ. .  كانَ لا بُدّ مِنهُ الاستِنجادَ بِأُنْثَاهُ التي اِسْتَهْزَأَ بها من قَبل،  بِأُنْثَاهُ الرزينة،  بِأُنْثَاهُ المَرِيرَة،  الرّقيقةُ،  وَالْمُضَحِّيَة،  أضرمت بِنفسِها اَلْإِضْرَام لِتُعيدَ إحياءَ الحياةِ بداخلِ رجُلها؛  بعدما رَنا بصوتهِ اَلتَّعِيس المرتجف لِتُنْقِذهُ؛  عِندما أيقنَ أنها الأملُ الوحيد. .  ها هي الآن تبتسمُ له؛  لِتَضَاؤُل وجعَ قلبهِ،  تمسكُ بيداهي؛  لِتُثبِطَ السعيرَ الذي أُضرمَ به،  توقدُ بِنفسِها اللّهب؛  لتضيء جوفِه؛  فباتَ كما كانَ سابقًا،  رجل لا يُقهرُ؛  بفضلِ حنانٌ أُنثويّ. .  فلا رجولةٍ،  قوّة،  جَنَاحَانِ البطلِ،  يستطيعونَ الثباتَ إن لم تكن الأُنثى خلفهم؛  فالأُنثى أملٌ،  أمان،  ملجأٌ،  نورٍ،  وروحٌ مُضَحِّيَة،  لِكُلّ نرجسيٌّ مغرورٌ بجناحيه اللذان إن رَضْوَان لا وَيُدَاوِيهِمَا سِوى لمساتٌ أنثوية. .  فلييفن الجميعُ أنَّ تِلكَ السكينةُ الأُنثوية،  عَقِبهَا شجاعةٌ ممزوجة بالأمانِ. .  وما الأُنثى سِوى أملُ اَلنَّرْجِسِيُّونَ.  

رنا الكسواني الأردن

خَارجَ النَّص

ارجَ النَص ثمّة رجلٌ ينسجُ من مُفرداتِ المُصادفة لقاءً بامرأةٍ تُدعى أنتِ. في مدينةٍ أنتِ بها وبقعةٍ من الأرضِ تعجّ كلّ صباحٍ بملامحِ وجهكِ، وحيثُ عشرات النّساء يغزِلن من خُيوط اللُّغة معاطفَ صُوف لئلّا يبردَ أثناءَ غياباتِكِ رجالٌ آخرونَ لم تُسعفهم قُلوبهم ليَحظوا بامرأةٍ تنتصرُ على كُلِّ خَسارةٍ بنُبل بالغٍ مثلكِ. تصفعُه خَيالاتكِ دائمًا وكُلَّما همَّ بأن يَكتبَ لكِ قَصيدةً ما نَبتَت لحُروفها أجنِحة واجتازَت خارطتهُ إليكِ مُحلّقة كأنَّما وطنان لكِ فأنتِ فيهِ وأنتِ فيكِ. بالوصْف الدّقيق جدًا.. إنكِ لا تكُفّين عن الاتّساع بِداخلِه بطريقةٍ تَدعوه للارتباك، تتسللينَ بين أضلُعه بصورةٍ مبهرةٍ جدًّا حتّى إذا ما حاولَ نُطقكِ اقتبسَ أطفالُ الحيّ من فمهِ سناءاتٍ أضاؤوا بها طُفولاتِهم المَنسيّة. رجلٌ عاشَ لسنواتٍ طٍوال ينظر بعينين هما نافذتين تطلّان على معجزةٍ آتيةٍ هي أنتِ، ويخيّلُ إليهِ أنّكِ لو تَأتين فسَتكونين ما يُعيد الحياة إلى أضلعه كما تدبُّ الحياةُ في الأرضِ القاحلةِ إذا ما زارها المطرُ غيثًا. هو يدركُ جيّدًا أن مهمةَ إيجادكِ شاقّةٌ كما لو أنّهُ سيقفزُ من عُلوٍّ شاهقٍ دونَ تفكير، لكنّه لفرطِ شغفه سيفعلُها ولو كلَّفه ذلكَ أن يجوبَ بُحورَ الأرضِ والشّعرِ معًا حتّى يصلَ إلى تلك اللّحظة التي تجلسانِ فيها سَويةً على مقعدٍ ما تحتسيان القهوةَ وتتشاركانِ كلَّ شيءٍ بما في ذلك أحاديثُ دافئة وذكرياتٌ تتقدّم إليها ببطءٍ، وابتسامةٌ تشرقُ على مُحيّاكِ وتهشُّ أحزانَ العُمر عن قلبهِ مهدئة؛ وليتجرّد أمامكِ من كلِّ كبرياءٍ إنسانيّ قد يحجبُ أعماقهُ عن سِحر عَينيكِ. امرأةٌ مثلكِ تدُسُّ أسرارَها في أكمامِ المَنافي البَعيدة وهو هنا يُقيمُ في الانتظار يودُّ لو يُخاطبكِ قائلًا: هاتي يدكِ ودَعينا نَخرجُ سَويةً عن هذا النّص. كيفَ له بعدَ كل هذا ألّا يسألكِ الوِصال!

ندى وائل

بقعٌ لامعة

كلماتي تختنق في جوفي تحمل بطياتها عبء الخروج ، يؤثر ذلك على تركيز دماغي وكل بضع ثواني يرسل سيالات من الصداع الى داخل جمجمتي ، أشعر بكومة من الإبر تنفجر من عيني  بعد سهر دام ثلاثة ليالٍ، الحديث عن هذه النكبة الذاتية تسبب لأوردتي التشتت والتضخم ، سرعة شهيقي وزفيري يمزق مجرى تنفسي ، لقد تهتكت رئتي من الشعلات الداخلة والهاربة . طريق مظلم لا أدري مدى طوله ، أشجار ، وأصوات الذئاب ، بقع تلمع من حولي ، أشم رائحةٌ عفنة ، لهث قريب ومكثف ، لا يحتوي دماغي على ردة فعل لما يجري  لا أشعر بقدمي البقع اللامعة تقترب والرائحة النتنه تشتد من حولي . كل ما أراه سماء تدفنها الغيوم السوداء ، يحاول ضوء القمر الإنبثاق ولكنه عبثٌ ، أشعر بأشلائي تتفتت ، لم أعد أشعر بجسدي ، آخر لقطة التقطتها عدسة عيني كان لفك مليء بالدماء وتلاشى بعدها كل شيء 

هبة محمد المومني





لى شيطاني

 اعذرني لقد اقترفت اقذر من ذنوبك قد كنت أخبث من عقلك الرجيم ، اعذرني لانني لم أكن يوماً ملائكيه كما ظننت ..... _صمت يكسو أنامل الليل والكثير من الآهات، تقفين في منتصف الطريق لا خطوة أمامكِ ولا طريق مفتوحة خلفكِ انتِ تصارعين الموت هنا وحدك. _لقد انغمستِ في الظلام وأخشى أن تتخذ عيناكِ العتمة عادة، افتحي ستائر قلبك ليتغلل دفء الشمس روحكِ وتبصر الطريق الطويل الممدودة أمامك. _اخرس أنت ومن طلب رأيك ؟؟ استمعي الي هنا حيث تجليتُ معكِ منذ بداية خلقكِ، هيا لنتعلم فن حثالة البشر انتقمي، اهدمي، اختالي . _عذراً يا صاح فأنا فطرتها السليمة فلتقع أنت في ظلمتك، وأنتِ يا جاثيةً على كثبان الخيبة لو أطلقت لروحك العنان لعلمتِ ما تخفيه دنياكِ من حب ووئام وسعادة. _وعن أي عنان تتحدث أيها الأبله، جنازة بكائها اليوم يمل الجنون من روحها الصماء انصتي لي أحرقوك وأنت على قيد الحياة أعدك بأن أكون الخطيئة لك وعذابك الداخلي. _بل هي زفة أمل يا صديقي، دعكِ من ترهاته وتجهزي فإن اللهفة و التسامح وعنفوان شبابك بانتظارك في موكب  عرسكِ المهيب ليشتعل لهب وجدانك من جديد  وتتلألأ البهجة من شطآن عينيكِ. _أشعر بك قبل أن تتحدث لا تظن بأنني سأتركك تقرر بمفردك فما أنت سوا نور يَعمي ، اللعنة عليك ارحل من هناااا ارحل الى الجحيم، وما رأيكِ الأن سأستنشق روائح ألمكِ، سأزور فرحك وأبقي اللعنة في سمائك، انظري حولك لا حبل لنجاتك ولا شراع تبحرين به. _كم أنا حزين لأجلك ستحرقك نيران بغضك وسأصنع من رمادك طريقاً تسير به لنهاية نفق ظلمتك. وأنت ألم تدركي بعد أن بيدك تبديد حسرتكِ، وأمام عينيك سلم نجاتك، فلم الانتظار؟  هلمي بنا لنصنع مجداً من رفات الألم ودعي دموع الفرح تفيض لتغسل غبار الحسرة فيشع النور في قلبك. _ههههههه تحسب نفسك أسطورة ضخمه ولا تعلم انه لا تاريخ لها كم انك مثيرٌ للشفقه، أنت كهؤلاء اللذين يدّعون الكمال والنقاء وليس بداخلهم سوى فراغات خائنه سأرسل لك أرجاماً تفقدك ثباتك، انتِ غير صالحه للحب ولا الصداقه لستِ صالحة لأي شيء. _لست هنا من أجل حربي معك فاطمئن، اما أنت فسأدعكِ لصلاتك وابتهالاتك، دعي لذلك الطموح في داخلك أن يتفجر، ولروح الطفلة المكبوتة أن تتحرر لطالما كنتِ مصدراً لبهجة نفسك وكنتِ الدافع لها للإمام، بيدك فقط أن تكوني الأفضل وتبثي حباً معدياً لكل من  حولك فاستمري بضيائك ولتنيري عتمة قلبك. _لن أكون في يوم الفتاه المذعوره ولا تلك الطفلة الحائرة، سأكون الغضب المرير سأكون سموم الأفاعي والعاصفة لكل من يحاول ايذائي، سأحول آلامي لطاقةٍ موحشه، سأكون مني وإلي، سأكون السند والقوه سأسير خلفكَ يا فطرتي السليمه، أما أنت أيها الغبي سأجعل منك الضعف والفُتات وأجعل صرخاتك تتناغم بها رقصاتي وأنا أحفر قبرك.

رانيا يوسف الدعجه

سلامٌ عليّ


أنتِ تفهمين أيضًا، أنّ يدي قاصرة وكتفي بعيد ورأسكِ لا يصل، والأرضَ لا تُطوى، ولا أملكُ إلّا الدُّعاء وإنّي أُحبّك. تفهمين أيضًا أننّي أستوحشُ تلكَ المسافةِ كثيرًا، وأنّ مسافاتِ الأرضُ اللّعينة حرمتني منك، أنا حقًا لا أملكُ من الأمرِ شيء، يعزّ عليّ أن أراكِ تنطفئين ولا أستطيع احتضانك، أن أحتاج لأن أنظُر إلى عينيكِ لأستطيع فهمك دون أن تنطقين بحرف، اشتقت لأن أتحسّس ابتسامتك بأطرافِ أصابعي، أنتِ تفهمين كل شيء يا ملاكي ولكن مالا تفهمينه أنّه وبالرّغم من كلّ سوء هذا العالم وبالرّغم من انطفائك الذّي ترينه ولكننّي لا أراه! أراكِ قويّة، مذهلة، وروحكِ التّي أحببتها لم تتغير أبدًا، وأنّ طاقتكِ الهائلة برغم البُعد تصلني. حبيبتي، لنعود سويًّا أرجوك! فالصّباحات لا تساوي شيئًا دونَ سماع ضحكاتك، وخلو أزقّة حيّنا مُملّة دون دندناتِ غنائك، وقلبي فارغٌ يحتاج إلى فرحةِ صرخاتك، ملامحي تحتضر وتنتظر لمساتك، أناملي هزِلت تستجدي قُبلاتك، وعينايّ تبكي اشتياقًا لنظراتكِ، وجسدي يلتهف لأحضانك، سريرنا يصرخ اشتياقًا لقفزاتك، وزهور حديقتنا تستغيث مائِك، ودرّاجتي هرمتْ منتظرة تلبية رغباتك، ألا يكفي أنّ كلّ شيء بانتظارك؟ ألا تكفي مسافة الأرض؟ ألا يكفي أنّها لا تُطوى؟ فإمّا أن تعودي، وإمّا أن أموت. والسّلام على حبٍّ لم يموت.

مرام عبدالله فلاح
تم عمل هذا الموقع بواسطة